من معجزاته صلى الله عليه وسلم
نزول الفرآن الكريم عليه
قال تعالى
(( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ))
(الفرقان:1) ..
(( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ))
(فصلت:42) ..
إن
القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى والخالدة الباقية بين الخلق : وليس لنبي
معجزة باقية سواه صلى الله عليه وسلم إذ تحدى بها رسول الله صلى الله عليه
وسلم بلغاء الخلق وفصحاء العرب وجزيرة العرب حينئذ مملوءة بآلاف منهم
والفصاحة صنعتهم وبها منافستهم ومباهاتهم . وكان ينادي بين أظهرهم أن يأتوا
بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ، وقال ذلك تعجيزاً لهم فعجزوا عن ذلك
وصرفوا عنه حتى عرضوا أنفسهم للقتل ونساءهم وذراريهم للسبي ، وما استطاعوا
أن يعارضوا ولا أن يقدحوا في جزالته وحسنه ثم انتشر ذلك بعده في أقصار
العالم شرقاً وغرباً قرناً بعد قرن وعصراً بعد عصر فلم يستطع أحد معارضته
حتى الآن .
فهو الفرقان بين الحق والباطل ، والهدى والضلال ، بما
فيه من تفرقةبين نهج في الحياة وبين عهد للبشرية ، فلقد شاء الله أن يجعل
هذا القرآن هو معجزة هذه الرسالة ، ولم يشأ أن ينزل آية قاهرة مادية تلوي
الأعناق ، وتخضعها وتضطرها إلى التسليم ، ذلك أن هذه الرسالة الأخيرة رسالة
مفتوحة للأمم كلها وللأجيال كلها ، وليست رسالة مغلقة على أهل زمان أو
مكان ..
وإن في القرآن من الحق الفطري البسيط لما يصلُ القلب مباشرة
بالنبع الأصيل فيصعب أن يقف لهذا النبع الفوار ، وأن يصدَّ عنه تدفق
التيار ، وإن فيه من مشاهد القيامة ، والقصص ومن مشاهد الكون الناطقة ، ومن
مصارع الغابرين وقوة التشخيص ، ما يهزُّ القلب هزاً لا تملك معه قراراً
وإن السورة الواحدة لتهزُّ الكيان الإنسانيَّ في بعض الأحيان ، وتأخذ على
النفس أقطارها مالا يأخذُهُ جيش ذو عُدة وعتاد ..